أوصت هيئة النزاهة الاتحاديَّة وزارة الماليَّة، اليوم الثلاثاء، بإصدار توجيهٍ مُلزمٍ إلى دوائر الهيئـة العامَّة للضرائب بخصوص عكــس الأمانات الضريبيَّـة لعامَّة المواطنين “ترحيل مبالغ الأمانات وتقييدها إيراداً للخزينة العامة”؛ بناءً على توصيات اللجنة المُؤلَّفة في الأمانة العامَّة لمجلس الوزراء.
وحثت الهيئة على إيجاد آليةٍ مناسبةٍ لمعالجة موضوع الأمانات، وخاصة أولئك الذين لم يحتفظوا بالوصولات الأصليَّـة، حيث تحتفظ دوائر الضريبة بنسخٍ وبياناتٍ من تلك الوصولات في سجلاتها، بعد ملاحظة عدم التزام بعض الدوائر بتوجيه الأمانة العامَّة، إذ لا يزال يتوجَّب على المراجع الذي يحتفظ بأماناتٍ سابقةٍ ولديه وصولاتٌ أصليَّـةٌ دفـع مبالـغ إضافيَّـة؛ لـقـاء الحـصـول عـلى خـدمـةٍ من تلك الـدوائـر، وحثت على إعداد مُسوَّدة قانون ضرائب جديدٍ يتناسب مع التغييرات التي طرأت على سياسات الدولة الاقتصاديَّة والاستثماريَّة؛ ليكون بديلاً من القانون الحالي، وتحديد جدولٍ زمنيٍّ؛ لتطبيق أنظمة الأتمتة الإلكترونيَّة، واقتراح التشريعات والقوانين لمعالجة حالات القصور أو حالات خلو القانون النافذ من الأحكام القانونيَّة، وفق بيان ورد لـ السومرية نيوز.
وأشارت دائرة العلاقات مع المُنظَّمات غير الحكوميَّة بالهيئة في تقريرٍ لها، أُرْسِلَت نسخة منه إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء، إلى أنَّها “بهدف قياس أثر إجراءات الهيئة العامَّة للضرائب واستجابتها لنتائج وملاحظات وتوصيات الاستبانة السابقة، قامت عبر الفريق المركزيّ للهيئة، والفرق الساندة له والفرق المؤلفة في مُديريَّات ومكاتب التحقيق في بغداد والمحافظات، بــ(٣٢٣) زيارةً ميدانيَّةً إلى دوائر الضريبة على مدى ثلاثة أشهر تمَّت خلالها استبانة آراء (٨،٣٦٩) مراجعاً في (٤٤) دائرةً في بغداد والمحافظات”.
ولفتت، نتائج تحليل استبانة قياس مُدركات الرشوة في بغداد والمحافظات إلى أنَّ المُعدَّل العام لتعاطي الرشوة (إدراك) في (١٨) دائرة في بغداد بلغ (٣١،٨%)، وسجل قسم الشركات في مقر الهيئة العامَّة للضرائب أعلى نسبة لتعاطي الرشوة (٤٩،٢%)، تليه ضريبة البياع ( ٤٠،٩%)، ثمَّ قسم الاستقطاع المباشر في مقر الهيئة (٤٠%)، فيما سجَّـلت دوائر الضريبة في أبو غريب والمحموديَّـة والرصافة أقل نسبة تعاطٍ بلغت (١٣،٨% ٢٤،٥% و ٢٥،١%) على التوالي، فيما أظهرت النتائج أنَّ قسم الشركات في مقر الهيئة العامَّة للضرائب يُعَدُّ الأسواً بين دوائر بغداد بحسب معظم إجابات أسئلة الاستبانة واللقاءات الميدانيَّـة .
أمَّا المحافظات فقد حلَّت دائرة ضريـبة الكرمة في محافظة الأنبار أولاً كأعـلى نسـبة في قياس دفع الـرشوة (إدراك) وبلغت (٥١،٦%)، ثمَّ كربلاء (٤١،٧%) تلتها البصرة بنسبة (٣٨،٩%)، في حين سجَّلت ضريبة الموصل – الساحل الأيمن أدنى نـسبة في تعاطي الرشوة ( ١،٨%) تلتها ضريبة ديالى وذي قار بنـسبة (٣،٢% ٣،٣%)، على التوالي.
وأشار التقرير إلى أنَّ ارتفاع مستوى تعاطي الرشوة يضعف ثقة المواطن بمُؤسَّسات الدولة وسلطاتها، ويُقوِّضُ هيبتها، وأنَّ الإجراءات البيروقراطيَّـة في عمل دوائر الضريبة تخلق بيئةً مُناسبةً لابتزاز المُراجع ومُساومته، كما أنَّ عدم سعي الإدارات إلى تطوير آليات العمل ومهارات العاملين وتطبيق معايير الجودة والحوكمة وإخضاعها للتقييم الدوريّ، إضافة إلى اعتماد النظام الورقي في استحصال المبالغ الماليَّـة، وعدم الاستفادة من الأنظمة الإلكترونيَّـة الحديثة في جباية الأموال والرسوم، وعدم تطبيق أنظمة الأتمتة الحديثة، رغم وعود مسؤولي الهيئة العامة للضرائب بمعالجة ذلك منذ فتراتٍ سابقةٍ، تسهم جميعها في خلق بيئةٍ ملائمةٍ للفساد.
وأكَّد على أهميَّة وضوح الإجراءات المُتعلّقة بمراجعة أقسام العقارات وتقدير بدل الإيجارات، من خلال إعداد ضوابط بعيداً عن الاجتهادات الشخصيَّة لأعضاء لجان التقدير، حيث يتمتَّع أعضاؤها بسلطةٍ واسعةٍ لتقدير مبلغ الضريبة المُستحق للدولة؛ ممَّا يُعرِّضُ المراجع للابتزاز والمساومة لدفع رشوةٍ مقابل تخفيض مبلغ الضريبة، فضلاً عن معالجة موضوع فك الالتباس في تشابه الأسماء التي تتمَّ مُعالجتها باجتهاداتٍ وطرقٍ تختلف بين دائرةٍ وأخرى حسب قناعة المدير أو المُوظَّف المُختصّ.
واقترح التقرير تفعيل دور الأجهزة الرقابيَّة الخاصَّة بوزارة الماليَّة؛ لمُتابعة أداء مُوظَّفي الهيئة العامَّة للضرائب، بعد أن كشفت نتائج الاستبانة أنَّ (٦٥%) من نسبة دفع الرشوة تمَّت بشكـلٍ مباشرٍ من المُراجـع إلى المُوظَّف، إضافةً إلى اختصار الإجراءات المطلوبة لإنجاز المعاملة وإلغاء الحلقات الزائدة، حيث أفاد (٥٨%) من المراجعين بدفع الرشوة للإسراع في الإنجاز، كما اقترح الإسراع في إنجاز الرقم الضريبيّ لكل مُكلَّفٍ للقضاء على المفاصل التي يستغلها الفاسدون، مع التنبيه إلى عدم التعامل بجديةٍ مع توصيات تقرير الاستبانة المُعدّ في العام ٢٠٢١، وعدم حصول تغييرٍ في إجراءات العمل المُتَّبعة.
وشخَّص عدداً من السلبيَّات تمثَّـلت بوجود أعدادٍ كبيرةٍ من المُعقّبين والدلّالين في الدوائر يقومون بدور الوسيط بين المُراجع والمُوظف، وهؤلاء لهم الأولويَّة في إنجاز المعاملات، ولوحظ أنَّ تشابه الأسماء لا يزال يُشكّلُ مدخلاً رئيساً للابتزاز، فيما تُعَدُّ مفاصل العقارات والأراضي وتقدير بدلات الإيجار أكثر الأماكن التي تتمَّ فيها المساومة والابتزاز.