
أسوار // محمّد محمّد:
إنّ استقالة نوّاب التيّار الصدري، والتي تمّ التوقيع عليها من قبل الحلبوسي بتاريخ 12/6/2022، فتحت التكهنات والاجتهادات على أوسع أبوابها.
فمنهم من يرى: أنّ هذه الاستقالات لا تعدو عن كونها مناورة سياسيّة إعتادها مقتدى – ( زعلان عليكم، تعالوا صالحوني ) – فأنّ التيّار بعد أن تمكّن من إبقاء حكومة الكاظمي، وسلّمها المال الكافي اتجه مع نوابه نحو المناورة السياسية.
ومنهم من قال: إنّ هذه الاستقالة غير جدية، لأنّ النواب البدلاء لا يتمكّنون من تأدية القسم خلال هذه الفترة، وإلى حين ينعقد فصل تشريعي قادم تكون فاصلة زمنية بيد مقتدى للعودة أو المناورة أو غير ذلك.
ومنهم من قال: إنّ مقتدى يتجه إلى فتح باب التدويل على العملية السياسية.
ومنهم من قال: إنّه يتجه إلى اسقاط الانتخابات، والدعوة إلى انتخابات أخرى بعد أنّ تأكّد له أن الشارع شارعه.
ونعتقد أنّ كُلّ ما تقدّم هو حديث في (نتائج الاستقالة)، وليس في (استراتيجيات مقتدى)، فمن يركّز على أهداف واستراتيجيات مقتدى يعرف ماذا يخطط، و تتضح له الخريطة والمستقبل السياسي، فإنّ مقتدى حدد أهدافه، وسيعمل على تحقيقها بأيّ اسلوب يختاره هو، وليس أحد غيره، وللإيضاح أكثر نقول: إنّ أهداف مقتدى، والتي يركّز عليها وذكرها بوضوح في بياناته وتغريداته قبل وبعد الانتخابات هي:
(أ). إنه يطلب إعادة النظر بوضع الحشد داخليا، ولم يذكر حلّه او تسليم السلاح (هدف موجل ).
(ب ). إنّه يتجه بإصرار الى حلّ الفصائل ( هدف حالي ومستقبلي ).
(ج). إنه يتجه إلى أنْ يحكم قبضته على الحكم والسلطة لوحده، أو بدورٍ بضمّ بعض الإطار معه (هدف استراتيجي ).
هذه الأهداف الأساسية في مخطط مقتدى، والتي أعلنها قبل وبعد الانتخابات، وكررها كثيراً، وختم بها قبل توقيع الاستقالات، وهو مصمم على أن يمضي بهذا الاتجاه طال الزمن أم قصر، وبكُل اسلوب يحدده هو، سيّما أن كلّ الأوراق بيده متاحة وممكنة، فإنّه إنْ رجع إلى البرلمان فبشروطه، وإنْ استمرّ في الاعتزال وتمكن الاطار من إقناع الكرد والسنة (كما ترد من أخبار عن رغبةِ الحلبوسيّ ومسعود إلى حوار مع الاطار) من تشكيل الحكومة، فسيواجههم بالتظاهرات والتمرّد، وإنْ لم يتمكّن من تحقيقها بالحوار السياسي والتحالف الثلاثي فإنّه يحققها من خلال (الشارع)، وسوف لا تصمد أيّة حكومة أكثر من اشهر، سيما هو يدرك حجم التناقضات الكبيرة في الساحة.
إذن هو يرى انه القادر على صنع المستقبل وبيده القرار والقوّة والقدرة؛ لتحقيق أهدافه، وهو مدرك لخطواته ويعرف كيف يتدرج ويستدرج لاكما يصوره البعض.
الإطار مدرك لما ذكرناه إلّا أنّ التعامل مع التيّار برأيهم لا يخلو من طريقين وهما:
1. أنْ يتمّ كسبه، بأنْ يكون جزء من العملية السياسية، ويتمّ التعامل معه، بما يجعل العملية السياسية آمنه، واطول عمرا مع كُلّ الإشكالات التي يولدها خيار الشراكة معه.
2. أنْ يسلك الصدر طريق الشارع وتكون النتائج معقدة.
هذا من جانب الإطار.
أمّا من جانب مقتدى فإنّ الأهداف الثلاث (حلّ الفصائل، ورؤيته الخاصّة بالحشد، واستلامه الحكم وحده)، كان يناور لتحقيقها عبر الثلاثيّ، ونوع بسيط من الحوار والفرض مع الإطار، وبعد أنْ اكتشف أنّ هذا الطريق غير منتج لتحقيق أهدافه انتقل إلى مرحلة الشارع لتحقيق ما يريد.
لذا نجد أنّ مقتدى لم يطلب من المسؤولين في إدارة الدولة التابعين له (40 وكيلا في الوزارات و200 مدير عام وستة وزراء والأمين العام لمجلس الوزراء) أنْ يقدّموا الاستقالات لأنّ أحد أهدافه الهيمنة على الحكومة لذا أبقى عليهم، وسوف يهيمن أكثر على باقي المناصب من خلال المناورة الجديدة التي تنحصر (بالضغط عبر الاستقالات أو التظاهرات).