
أسوار //
علي عنبر السعدي
– سابقة لم تحدث في تاريخ الديمقراطيات.
– التيار – على ماذا يراهن؟ وهل ينجح الرهان.
– مرة أخرى: القوة الظاهرة والضعف الكامن.
الاستقالات الجماعية التي طالب مقتدى “نوابه” بتقديمها، هي سابقة لم تحدث في كل الديمقراطيات عبر التاريخ، لكنها حدثت بالرغم من غرابتها، فلماذا فعلها؟ وهل يمكن تعويض الورقة الأقوى التي فقدها طواعية؟.
حتى اشهر خلت، كان التيار وزعيمه يبدون في ذروة القوة وكل شيء عنده يسير على مايرام، كتلة نيابية قال عنها انها الأكبر في تاريخ العراق، وتحالفات تمثل الأركان الرئيسة للمجتمعيات العراقية، وكل اطرافها فائزة بالمراكز الأولى وبالتالي فالنصر معقود والاماني تحققت ولاشيء يمنع استكمالها.
لكن القاعدة القائلة بالقوة الظاهرة والضعف الكامن، ظهرت هنا مرة اخرى لتعيق النتائج، فزعيم التيار وقد أخذته النشوة بالفوز، لم يراقب سلوكياته وتصريحاته، ووجه من التهديدات والتغريدات، ما أثار نفور ومخاوف لدى العديد من القوة السياسية، أما حلفاؤه فكل يريد تحقيق مطالبة كاملة، وقد وجد الفرصة في التيار، الذي باتت حاجته اليهم ماسة،خاصة مع اصراره على ابعاد الطرف الشيعي الآخر .
ومع اقتراب موعد الحسم المتمثل بأول الطريق وأصعبه (انتخاب رئيس الجمهورية) ازداد القلق لدى التيار بدرجة اخص، ثم تحول الى يأس بعد الفشل المتكرر، ومما زاد طين التيار بللاً، ان حلفاءه تركوه يقلع شوكه بيديه، ولم يظهروا حماسة في دعمه.
القشة التي قصمت ظهر (الانتصارات) كانت قانون الأمن الغذائي، الذي ظهر واضحاً ان التيار لن يستطيع امراره، فحليفه الكردي، يريد حصة مجزية، والحليف الحلبوسي قدم مطالب كبيرة، وبالتالي لم يبق في البيدر مايمكن حسابه، لذا لجأ لإرضاء الاطار بقبول بعض اشتراطاتهم، لكنه سرعان ما اكتشف ان هذا القانون لن يحقق له الكثير.
الخطوة التي اقدم عليها بسحب نوابه من البرلمان، كان واضحاً انها ردة فعل غير محسوبة بدقة، فقد افقدته اهم مصادر قوته في الهيمنة على القرار، لكنه اكتشف قبل ذلك ان اكثريته تلك، ليست ذات فاعلية حاسمة، وان تشكيل حكومة صدرية، بات حلماً بعيد المنال، خارج ماطرحه خصومه.
لقد بات التقدم شبه مستحيل، والتراجع هزيمة لذا لم يبق سوى القفز في المجهول.
مراهناته على الشارع في الضغط على القوى السياسية – كما حدث في تظاهرات تشرين – ليس مضموناً نجاحها، بل ربما تزيد من مأزقه السياسي، وتظهره بأنه “انقلابي” يريد الاستيلاء على السلطة بالقوة، كما ان اية جرائم ترتكب، ستحسب على انها بفعل تحريضه، وقد بات يعرف ان خصومه، لن يخضعوا للابتزاز هذه المرة، بعد ان باتت اللعبة مكشوفة، خاصة انهم سيكونون الرابح الأكبر من الاستقالات، اذ ان معظم من سيصعدون كبديل للمستقيلين، يكونون من قوى الاطار مما يجعله الكتلة الأكبر دون منازع.
اعتقد ان الصدر تسرع، وأوقع نفسه في مطب ربما لن يستطيع الخروج منه بسهولة، لذا فالاحتمال الأجدى، ان يميل للهدوء والانتباه الى اعادة ترتيب تياره وتنظيم عمله وسلوكه استعداداً لمراحل قادمة.