
أسوار // كتب نعيم شريف
لم تدع ( قوى الشر ) للموسيقار صدام حسين فرصة أن يُشبع شغفه من الموسيقى ، كانت المؤامرة أقوى مما توقّع القائد ، حروبٌ (( فُرضت عليه )) ، وإن خرج منها منتصراً ، للمشككين بإنتصارات القائد أقول : خروجك مهزوماً لا يعني أنك مهزوم ، بل يعني أنك هزمت العدو بتمكينه من نفسك !
شكّلت الموسيقى ركناً مهما في حياة (( القائد الضرورة )) ، ففي ذروة موت جنوده وجنود أعدائه ، كان مصرّاً على سماع الدوّي المموسق لمدافعه النمساوية العملاقة .
نشأ الرئيس الموسيقار في بيئة فنية بحتة ، فقد كان محاطاً بأعمام واخوال عاشقين للفن ومقدرين له . ساعدته هذه البيئة في قريته العوجة في أن يصقل موهبته الفنية بعد أن تبناه (( فنياً )) عمّه الملحن ( ابراهيم الحسن ) وهو والد كل من عازف الكمان البارع ،برزان ابراهيم ، وعازف القانون ، سبعاوي ابراهيم ، وعازف الناي وطبان ابراهيم ، وهؤلاء كانوا التخت الشرقي للرئيس في كل الحانه ،
أقول : كان الفنان ابراهيم الحسن ، قد درس الموسيقى على اصولها في معاهد الموسيقى في تكريت في بدايات القرن العشرين وكان عازفاً مهما للترامبيت في فرقة ( تكريت فلهرمونيك سومفوني )، ولذلك تجد تأثره باللون البدوي في اللحان التي لحنها ، متمرداً على كل الموسيقى الكلاسيكية التي تعلّمها ،وهذا قد اثر في نفس الفنان الشاب ، حينها ، صدام حسين ، وكأن روحه قد( طرها ) أحدهم ( اربع طرات ) ، على حدّ تعبيره في قاعة الخلد ، في أول حفل موسيقي لسيادته في تموز من العام 1979 .
كانت أولى الحانه المُبشّرة هي معزوفته الصولو المعنونه ب ( سعدون الناصري ) حتى أنه سجن بسببها ثلاثة شهور ، بسبب من جرأتها ومزجها بين اللونين الشرقي والغربي في العزف وبسبب عدم كفاية الأدلة أيضا! ، وكانت بحق بشرى تعد بعازف جدُّ خطير !
لكن إبراهيم الحسن ليس هو الفنان الوحيد من هذه العائلة الفنية الكريمة الذي أوحى له بمقام ((أطروا ))، بل عازف الجلو ، خير الله طلفاح فقد كان الفنان الذي كتب كل سموفونياته على نغم (( أطروا )) أيام صعود الموسيقار صدام في عالم الفن ، ما حدا بابنيه ، فيما بعد ، الفنانين الشابين الرقيقين ، عدي صدام و قصي صدام أن يقلدا الوالد الفنان ويعزفا الطور الغنائي نفسه ، طور (( أطروا )) ، وللذين ليس لهم علم بهذا الطور ،أقول : هو طور يتكوّن من أربع طرات ، وتستخدم فيه جميع الآلات (( الموسيقية ))الحادة ، ولا تستخدم فيه الآلات الموسيقية التي يستخدمها البشر من الآدميين .
في الصورة يمسك الموسيقار صدام ،بعود مسكين ، فيه اوتار تئن خوفاً ومحبة وقشعريرة من أصابع الفنان صدام حسين ، هل نسيت ان اقول أنه اخ لكل من الفنانين ، برزان ووطبان وطكعان وخريان……
* خلف الموسيقار صدام، يقف الشاعر حميد سعيد وقد بدا عليه التأثر ، لا غرو ! ، كلنا نخشع في حضرة الإبداع !!!!